التخطي إلى المحتوى

القاهرة – إيمان مندور
تحل اليوم الاثنين الذكرى الأولى لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، ليأتي بعده مباشرة القصف الإسرائيلي على غزة واشتعال فتيل الحرب، ما أدى إلى مقتل نحو 45 ألف فلسطيني، وبات 2,3 مليون فلسطيني يعيشون تحت القصف في ظروف صعبة للغاية، إذ أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، في حديثه لصحيفة «الخليج»، أن الأزمة الإقليمية التي تمخّضت عن هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي لا تتعلق بالشرق الأوسط فحسب، بل تتعلق بالمجتمع الدولي بأكلمه.
وأشار المحلل السياسي اللبناني خالد العزي لصحيفة «الخليج» إلى أن هذا الهجوم شهد إخفاقاً واضحاً للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي لم تأخذ بعين الاعتبار مدى الحركة التي مارستها حماس طوال عام ونصف العام غير أن المعركة التي لم يُخطط لها كانت بمنزلة ذريعة للعنف الإسرائيلي.
يأتي ذلك في وقت تصعد فيه إسرائيل بشدة حملتها على حزب الله مما ينذر بتداعيات خطرة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الجيش الإسرائيلي نقل معركته في الشهر الثاني عشر من الحرب إلى لبنان، وتحديداً في مواجهة حزب الله، ليتسبّب في نزوح أكثر من مليون لبناني.
لم يقتصر الأمر على الآثار الإنسانية الكبرى التي خلفتها الحرب بعد عام من اندلاعها، بل أصبح العالم على شفا تحوّل جذري في نظام العلاقات الدولية، لتطرح التساؤلات نفسها: كيف تغيّر المشهد السياسي في المنطقة منذ السابع من أكتوبر؟ وهل خلق الهجوم مناخاً مثالياً لولادة متغيرات تطال تداعيتها منطقة الشرق الأوسط بل المجتمع الدولي بأكمله؟.. من ربح؟ ومن خسر؟.

جدران الحرب والفقر
كشف الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مشيراً إلى أن 2,3 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، ضمن مساحة 365 كيلومتراً مربعاً، تشهد هذه المنطقة أعلى كثافة سكانية، إذ يعيش أكثر من 6,000 شخص لكل كيلومتر مربع في ظروف صعبة للغاية.
وقال في تقرير: إن سكان غزة أُجبروا مراراً وتكراراً على الفرار من منازلهم تحت وطأة الإكراه، وفقدوا منازلهم وأصبحوا مشردين في الخيام وفي المدارس، محاصرين بين جدران الفقر والحرب، ومع ذلك لم يسلموا من القصف، فقد تم قصف الملاجئ التي لجأ إليها المواطنون واستشهدت النساء والأطفال، ونتيجة لذلك، أصبح أكثر من 17,000 طفل يتيماً، وفقدت ما لا يقل عن 15,000 امرأة حياتهن.
نظام الرعاية الصحية
تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير بسبب القصف، ما أدى إلى انهيار قدرة الأنظمة الصحية على تلبية احتياجات الناس، كما قلت فرص الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير، حيث أصبح الحصول على العلاج والأدوية صعباً للغاية، ما زاد من معاناة المرضى، خصوصاً المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب، الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة.
وأشار الإحصاء إلى أن الأزمة الصحية تهدد حياة النساء الحوامل في قطاع غزة بسبب نقص الرعاية الصحية، حيث إن 60 ألف سيدة حامل تقريباً مُعرَّضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية في القطاع، و13,649 سيدة حاملاً من المتوقع أن تنجب خلال الشهر المقبل، بواقع 5,522 سيدة في قطاع غزة و8,127 سيدة في الضفة الغربية، كما تواجه 155 ألف سيدة حامل ومرضعة تحديات صعبة في الوصول والحصول إلى خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة وبعدها.
سوء التغذية يهدد صحة النساء والأطفال
وأوضح الإحصاء أن 96% من السكان في قطاع غزة (2.15 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى أيلول 2024، من بينهم نحو 49,300 امرأة حامل، حيث يواجه أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة) منهم 11,000 امرأة حامل، و3,500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، كما استشهد 36 طفلاً نتيجة المجاعة وسوء التغذية.
شبكات الطرق
65 % من إجمالي شبكات الطرق تم تدميرها، ما يؤثر في الوصول إلى المرافق الصحية وأماكن الإيواء، ووصول المرضى إلى المستشفيات، هذا الشلل في حركة التنقل بين المدن عزل المجتمعات وضاعف من مشاعر الخوف وانعدام الأمن..
وفقاً لوزارة التربية والتعليم العالي، حتى نهاية أيلول 2024، تعرضت 122 مدرسة وجامعة دمرت كلياً و334 مدرسة وجامعة دمرت بشكل جزئي. كان الوصول إلى التعليم غير متاح لطلاب رياض الأطفال والمدارس الثانوية في غزة لمدة عام دراسي كامل تقريباً. قبل الحرب، خدمت هذه المدارس أكثر من 606 آلاف طالب و22 ألف معلم خلال العام الدراسي 2023-2024، إذ تم تدمير 31 مبنى جامعياً بالكامل، إضافة إلى ذلك، دُمر 55 مبنى جامعياً جزئياً، ما أدى إلى عدم تمكن 88 ألف طالب و5 آلاف أستاذ من الالتحاق بجامعاتهم والوصول إليها.
انهيار المنظومة الاقتصادية
ولفت الإحصاء إلى أن فلسطين تعاني كارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه الهيكل الاقتصادي لفلسطين، حيث تراجعت مساهمة قطاع غزه من إجمالي الاقتصاد الفلسطيني إلى أقل من 5% بعد أن كانت تمثل نحو 17% قبل السابع من أكتوبر.
وتشير التقديرات الأولية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بأكثر من 85% ونحو 22% في الضفة الغربية ليتراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة الثلث مقارنة لما قبل السابع من أكتوبر، كما ارتفع معدل البطالة إلى 80% في قطاع غزة و35% في الضفة الغربية، ما رفع معدل البطالة في فلسطين إلى 51%.
تسببت حرب غزة في تدمير معظم المنشآت السياحية بصورة كلية أو جزئية، حيث تم تدمير ما يقارب 4,992 منشأة تعمل في نشاط السياحة منها 3,450 منشأة في نشاط المطاعم وتقديم المشروبات (والتي تشكل 69.1% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و921 منشأة في الأنشطة الإبداعية والفنون وأنشطة الترفيه الأخرى (18.4% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و182 منشأة في صناعة وبيع منتجات الحرف اليدوية والهدايا التذكارية، و173 منشأة في أنشطة الفنادق والإقامة والمنشآت المشابهة
منعطف تاريخي
أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، في حديثه لصحيفة «الخليج»، أن الأزمة الإقليمية التي تمخّضت عن هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي لا تتعلق بالشرق الأوسط فحسب بل تتعلق بالمجتمع الدولي بأكمله.
وأوضح أن التصعيد الذي بدأ قبل عام مع هجوم حماس على إسرائيل، لم يعد يقتصر على أراضي إسرائيل وغزة؛ ففي غضون عام واحد وقعت أسوأ أزمة شهدتها المنطقة بأكملها منذ نحو نصف قرن.
وأشار المحلل السياسي اللبناني، خالد العزي، أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، في حديثه لصحيفة «الخليج»، إلى أن السابع من أكتوبر كان يوماً خاطئاً من حيث طبيعة العملية التي شنّتها حماس باختراق ضواحي غزة، التي كانت عُرضة لعملية واسعة حاولت من خلالها حركة حماس أن ترسم إطاراً جديداً لعملية التفاوض والصراع القائم، بأنها هي من يملك الكلمة الأخيرة في عملية التفاوض، لذا شنّت هذه العملية بطريقة غير مدروسة، فعرّضت الشعب الفلسطيني وقضيته إلى خطر اجتزاء كامل.
وفي الوقت ذاته، أشار المحلل السياسي اللبناني إلى أن هذا الهجوم شهد إخفاقاً واضحاً للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي لم تأخذ بعين الاعتبار مدى الحركة التي مارستها حماس طوال عام ونصف العام، لا سيما بعد الاتفاق الذي عُقد في عام 2021 بأن غزة تحت حماية حماس، وأنها لم يعد بإمكانها أن تُنجز أي ضربات ضد إسرائيل.
غير أن المعركة التي لم يُخطط لها كانت بمنزلة ذريعة للعنف الإسرائيلي بشنّ ضربة واسعة ضد غزة، وحوّلت غزة إلى معسكر كبير للاجئين، بحسب المحلل السياسي.
وأضاف أن هجوم 7 أكتوبر غيّر طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه ليس تغييراً إيجابياً نحو القضية الفلسطينية، بل على النقيض.
وتابع: «هنا كان الموقف العربي واضحاً منذ اللحظة الأولى، بأن الدبلوماسية العربية للدول المعتدلة كانت تُصّر وما تزال على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، لكي تنهي المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني».
متغيرات تطال الجميع
أوضح المحلل السياسي اللبناني، خالد العزي، أن هجوم 7 أكتوبر رسم ملامح جديدة لإسرائيل، أولها كان يقول بأن إسرائيل لم يعد بإمكانها التعايش مع حركة حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال، وبالتالي الاستراتيجية الجديدة تدفع إلى ضرب وإزالة هذه المنظمات التي تشكّل خطراً واسعاً على أمنها وحدودها.
وأشار إلى أن إسرائيل استفاقت من الضربة ومن الإخفاق الأمني ومن الحالة التي سادت عقب الهجوم، لتعيد ترتيب أوراقها، خاصةً أنها تملك ترسانة كبيرة من السلاح المتطور.
وأضاف المحلل السياسي: «هذا ما قدّمه 7 أكتوبر لنتنياهو، فبعدما كان المعزول الذي يواجه انسدادات في الشارع الإسرائيلي، تحوّل إلى مؤسس لسياسة جديدة في إسرائيل محاولاً استمالة الرأي العام العالمي بنظرية الدفاع عن أمن إسرائيل القومي».
لتظل الحلقة مفرغة في من ربح ومن خسر، فهل ربحت حماس بعد أن أصحبت فلسطين تعاني كارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية؟ أم ربحت إسرائيل في ظل تداعيات دولية واحتجاجات في دول عديدة تطال إسرائيل بالتوقف عن قتل المدنيين، علاوة على احتجاجات بالداخل الإسرائيلي ضد نتنياهو وحكومته للتوصل إلى هدنة ووقف الحرب في غزة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *